فأما أن يعرفنا كل شئ منها بعينه فيقول ان هذا وجه الحكمة والمصلحة فيه كذا وهذا وجهه كذا فإن ذلك غير واجب وقد كان الخضر عليه السلام مخيرا بين أن يبين أو لا يبين إذ لم يكن الله تعالى قد أمره بالبيان فلم يؤخر بيان شئ لزمه بيانه وأيضا فإن موسى عليه السلام قد كان عالما بأن الخضر لم يفعل إلا ما هو صواب وحكمة في الجملة وإنما أراد أن يبين وجه المصلحة في كل شئ منه بعينه فكان وجه المصلحة فيه بمنزلة المجمل الموقوف الحكم على البيان فجاز أن يتأخر بيانه كما نقول في تأخير بيان المجمل وقال أيضا إن الله تعالى حكى عن الملائكة أنهم قالوا لإبراهيم عليه السلام إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين وقال إبراهيم عليه السلام إن فيها لوطا فبينوا حينئذ وقالوا لننجينه وأهله فخاطبوه بخطاب اقتضى العموم ولم يبينوه في الحال حتى سأل والجواب عن هذا ان الدلالة قد كانت تقدمت من الله تعالى لإبراهيم عليه السلام على أن لوطا عليه السلام والمؤمنين معه خارجون من الخطاب فصاروا مستثنين بالدلالة فلم يكن على المخاطب استثناؤهم وإخراجهم من الجملة بالبيان فقد كان إبراهيم عليه السلام عالما بأن الله تعالى لا يهلك لوطا والمؤمنين معه وعلمت الملائكة أيضا ذلك من علم إبراهيم عليه السلام فلم يكن عليهم استثناؤه من خطابهم فإن قال لو كان إبراهيم عليه السلام قد علم أن لوطا مستثنى من خطابهم لما قال
(٦١)