فإن قال قائل تأويلكم لهذه الأخبار أنه إن ثبت الخبر فإنه من الخبر المنسوخ التلاوة والرسم كلام متناقض لأن كل منسوخ الرسم والتلاوة لا يعرفه الناس ولا يقرءونه وقد أخرت ثبوت الخبر وقراءتهم إياه بعد وفاة النبي عليه السلام فكيف يكون منسوخ الرسم مما بقيت تلاوته ورسمه إلى يومنا هذا قيل له تجويزنا لثبوت الخبر لا يمنع ما ذكرنا ولا ينقض تأويلنا لأن الخبر لم يقتض أن يكون هذا المنقول بعينه هو الذي كان من ألفاظ القرآن على نظامه وتأليفه حسب ما نقلوه إلينا وليس يمتنع أن يكون ذلك قد نقلوه على نظم آخر ونسخ ذلك النظم وأنسي من كان يحفظه ولم ينسخ الحكم فنقلوه بلفظ غير اللفظ الذي كان رسم القرآن حين نزوله إلى أن رفع فلا يكون هذا من القرآن وهذا جائز أن يفعله الله وذلك لأن قوله من القرآن ومن رسمه يتعلق به أحكام لا تتعلق بغيره منها أنه مما يلزم الجميع اعتقاد أنه كلام الله تعالى الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم على نظامه وترتيبه من غير تغيير لنظمه ولا إزالة لتأليفه فإذا نسخ رسمه ونظامه أسقط عنا التعبد بالاعتقاد والذي ألزمناه في حال كونه غير منسوخ والثاني ما يتعلق به من حكم جواز الصلاة به وأن قراءته فيها لا تفسدها وإذا كان من غير القرآن أفسدها والثالث العبادة بالتقرب إلى الله تعالى بتلاوته وما يستحق من الثواب الجزيل بقراءته والرابع أن نكون مأمورين بحفظه وإثباته في مصاحفنا ونقله على نظامه وترتيبه فهذه كلها أحكام متعلقة بوجود رسم القرآن دون معانيه وأحكامه المذكورة فيه فلا يمتنع إذا
(٢٦٠)