قال ابن عباس وهو منسوخ بقوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ومعلوم أنا لو خلينا والآيتين لم يكن يمتنع الجمع بين حكمهما على شخص واحد في حال واحدة فيكون حده الحبس والأذى والجلد مع ذلك فلا يكون وجوب جلد غير المحصن مانعا من بقاء حكم الحبس والأذى ولا يكون ذلك مزيلا لهما من هذا الوجه إلا أنه كان يكون نسخا من جهة أخرى وهي الزيادة في النص لأن الزيادة في النص توجب النسخ عندنا لما سنبينه بعد هذا إن شاء الله تعالى فعلمنا أن زوال حكم الحبس والأذى لم يتعلق بوجوب الجلد وإنما تعلق بشئ غيره فلما أوجب الجلد على الزاني غير المحصن عند نسخهما أطلق عليه أنه نسخه وهذا الذي قلناه هو في الزاني غير المحصن فأما الزاني المحصن فهذا الحكم محالة منسوخ عنه بسنة الرسول عليه السلام في إيجابه الرجم على المحصن إذ لا يصح اجتماع الرجم والحبس والأذى فإن قال قائل قد كان يصح اجتماع الحبس والأذى والرجم عليه ويكونان جميعا عقوبته بأن يكون الرجم بعد الحبس والأذى قيل له أما الذي في الآية من ذلك فلم يكن يصح اجتماعه مع الرجم لأنه قال حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا فكان الحبس والأذى هما الحد إلى أن تموت حتف أنفها أو يجعل الله لها سبيلا غيرهما ووقوع الرجم يمنع استيفاء ذلك فقد نسخ الرجم هذا الحكم بحيث لم يصح اجتماعهما في حال واحدة
(٢٧٤)