فإن قال قائل قال الله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وقال تعالى إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه وظاهره يقتضي أن يكون حافظا له أبدا وأن البيان به حاصل لجميع الأمة إذ لم يخص وقتا من وقت ولا قوما من قوم وقال تعالى إن هو إلا ذكرى للعالمين فأخبر أن جميعه ذكر للعالمين وذلك يؤمننا وقوع نسخ تلاوته ورسمه لأن ما رفع وأنسي ولم ينقل لا يكون ذكرا للعالمين وقال تعالى لأنذركم به ومن بلغ فأخبر أنه منذر بجميع القرآن في كل الأوقات وما رفع لا يصح إلا نذر به وقال تعالى وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وهذا يمنع جواز رفعه وقال تعالى إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم فأخبر أن جميعه يهدي ولم يستثن وقتا من وقت فوجب أن توجد الهداية في جميعه أبدا وقال تعالى مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين وذلك خبر عن جميعه والجواب بأن جميع ما ذكر لا يمنع جواز نسخ رسمه وتلاوته كما لم تمنع هذه الآيات من جواز نسخ أحكامه وموجباته لأن القرآن ينتظم شيئين النظم والمعنى فإذا لم تمنع هذه الآيات من جواز نسخ أحكامه لم تمنع جواز نسخ رسمه وتلاوته وكانت معاني هذه الآيات محمولة على غير جواز النسخ
(٢٦٢)