الفعلية عند الشك في أصل الوظيفة، أو مع ثبوتها والشك في بقائها، أو مع العلم بالوظيفة والشك في المتعلق، إلى غير ذلك من المسائل المعنونة في علم الأصولية.
فلابد من معرفة كل ذلك على نحو الاستدلال اجتهادا، حسبما يسوقه الدليل لا على نحو التقليد.
وبعبارة أخرى لابد لاستنباط الأحكام عن أدلتها التفصيلية، من معرفة حجية خبر الثقة، والظاهر، والأوامر، والنواهي، والمطلقات والمقيدات، والعمومات والخصوصات، والتعادل والتراجيح، واجتماع الأوامر والنواهي، ومجاري الأصول العملية من البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب، إلى غير ذلك مما هي دارجة في الفقه وهي من مهمات مسائل أصول الفقه.
ولا يسوغ لمريد الاستنباط الاستغناء عن تنقيح هذه المباحث وما شاكلها، كما لا يسوغ للأخباري الخبير دعوى الاستغناء عنها، ولو أنكرها فإنما هو بلسانه فقط وقلبه مطمئن بما ذكرنا.
وتوهم عدم ملائمة تدوين كتاب مستقل في الأصول حاو لتلك المسائل، بل لابد من التعرض لها خلال عنوان المسائل الفقهية كما عن صاحب الحدائق (رحمه الله)، غير وجيه، لا يصغى إليه، كما لا يخفى على البصير الخبير.
فظهر أنه لابد في استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية من الإحاطة بمهمات مسائل أصول الفقه مما هي دخيلة في فهمها، ولا يسوغ للأخباري الاستغناء عن تنقيح هذه المسائل والمباحث القيمة.
وحيث إن شرافة علم أصول الفقه ومعرفة أصول الاستنباط بشرافة علم الفقه وكرامته بكرامته، فمن الحري جدا أن يكون نظر الباحث والمتدرب في هذا العلم نظرا آليا تبعيا لا استقلاليا أصليا، فلابد وأن يكون ذلك على وجه الاقتصاد والاعتدال، فلا يكون على نحو الإفراط الذي ابتليت به الحوزات العلمية، ولا على طريق