أن النظر في حجيته وتنزيله منزلة القطع آلي طريقي، وفي كونه بمنزلته في دخله في الموضوع استقلالي موضوعي، والجمع بينهما محال ذاتا.
أقول: هذا الإشكال مما استصوبه جل المشايخ المحققين - رحمهم الله - فأخذ كل منهم مهربا:
منهم: من ذهب إلى أن المجعول في الأمارات هو المؤدى، وأن مفاد أدلة الأمارات جعل المؤدى منزلة الواقع، وبالملازمة العرفية بين تنزيل المؤدى منزلة الواقع وبين تنزيل الظن منزلة العلم، يتم الموضوع (1).
ومنهم: من ذهب إلى أن المجعول هو الكاشفية والوسطية في الإثبات (2) وبنفس هذا الجعل يتم الأمران.
ومنهم: من سلك غير ذلك (3) ولعلنا نرجع إلى حال ما سلكوا سبيله.
والتحقيق: أن لزوم الجصع بين اللحاظين مما لا أساس له بوجه، وذلك لأن القاطع أو الظان بشئ يكون نظرهما إلى المقطوع به أو المظنون نظرا استقلاليا اسميا، والى قطعه وظنه آليا حرفيا، ولا يمكن له الجمع بين لحاظي الآلية والاستقلالية، لكن الناظر إلى قطع هذا القاطع وظنه إذا كان شخصا آخر يكون نظره إلى هذا القطع والظن الآليين لحاظا استقلاليا، ويكون نظره إلى الواقع المقطوع والمظنون بهذا القطع والظن وإلى نفس القطع والظن، في عرض