حال عدم العلم ليس من باب قيامها مقام العلم، بل من باب العمل بها مستقلا ومن غير التفات إلى تلك المعاني.
نعم القطع طريق عقلي مقدم على الطرق العقلائية، والعقلاء إنما يعملون بها عند فقد القطع، وذلك لا يلزم أن يكون عملهم بها من باب قيامها مقامه، حتى يكون الطريق منحصرا بالقطع عندهم، ويكون العمل بغيره بعناية التنزيل والقيام مقامه.
وما اشتهر بينهم: من أن العمل بها من باب كونها قطعا عاديا، أو من باب إلقاء احتمال الخلاف (1) - على فرض صحته - لا يلزم منه التنزيل أو تتميم الكشف وأمثال ذلك.
وبالجملة: من الواضح البين أن عمل العقلاء بالطرق لا يكون من باب كونها علما وتنزيلها منزلة العلم، بل لو فرضنا عدم وجود العلم في العالم كانوا يعملون بها من غير التفات إلى جعل وتنزيل أصلا.
ومما ذكرنا تعرف وجه النظر في كلام هؤلاء الأعلام المحققين - رحمهم الله - من التزام جعل المؤدى منزلة الواقع تارة (2) والتزام تتميم الكشف وجعل الشارع الظن علما في مقام الشارعية وإعطاء مقام الإحراز والطريقية له أخرى (3) إنها كلمات خطابية لا أساس لها.