في أسر الهيولي ومتعانقة معها - ممكنة التغير، كما هو المشاهد في مر الدهور وكر الليالي من صيرورة الكافر السئ الخلق القبيح العمل مؤمنا صالحا حسن الخلق، وبالعكس.
فالإنسان في تغيير الأخلاق والعقائد فاعل مختار، يمكنه بالاختيار تحصيل العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة والملكات الحسنة. نعم قد يحتاج إلى رياضة نفسانية وتحمل مشاق علمية أو عملية.
والدليل على إمكانه: دعوة الأنبياء والشارعين - عليهم الصلاة والسلام - وإراءتهم طرق العلاج، فإنهم أطباء النفوس والأرواح. فما هو المعروف من أن الخلق الكذائي من الذاتيات والفطريات غير ممكن التغير والتخلف ليس بشئ، فإن شيئا من العقائد والأخلاق والملكات ليس بذاتي، بل هي من عوارض الوجود داخلة تحت الجعل. ألا ترى أنها تحصل في الإنسان بالتدريج، وتستكمل فيه بالتكرار متدرجة، وتكمل وتنقص، وليس شئ من الذات والذاتيات كذلك.
فما وقع في الكفاية (1): - من أن بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإنذار إنما تفيد من حسنت سريرته وطابت طينته، وتكون حجة على من ساءت سريرته وخبثت طينته ولا تفيد في حقهم - مما لا ينبغي أن يصغى إليه، بل هو مناقض للقول بأن اختيار الكافر والعاصي الكفر والعصيان، والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان من الذاتيات التي لا تختلف ولا تتخلف، فإن