الضرورة والوجدان شاهدان على أن القاطع حين قطعه يكون تمام توجهه إلى المقطوع به، ويكون قطعه غير ملتفت إليه بالنظر الاستقلالي، ويكون النظر إلى القطع آليا، وإلى الواقع المقطوع به استقلاليا.
بل الإشكال فيه: أن العناوين المغفول عنها على قسمين:
أحدهما: ما لا يمكن الالتفات إليها ولو بالنظرة الثانية، كعنوان النسيان والتجري وأمثالهما.
وثانيهما: ما يمكن الالتفات إليها كذلك، كعنوان القصد والعلم وأشباههما.
فما كان من قبيل الأول: لا يمكن اختصاص الخطاب به، فلا يمكن أن يقال: أيها الناسي لكذا، أو أيها المتجري في كذا افعل كذا، فإنه بنفس هذا الخطاب يخرج عن العنوان، ويندرج في العنوان المضاد له.
نعم يمكن الخطاب بالعناوين الملازمة لوجودها.
وأما ما كان من قبيل الثاني: فاختصاص الخطاب به مما لا محذور فيه أصلا، فإن العالم بالخمر بعد ما التفت إلى أن معلومه بما أنه معلوم حكمه كذا بحسب الخطاب الشرعي، يتوجه بالنظرة الثانية إلى علمه توجها استقلاليا.
وناهيك في ذلك وقوع العلم والقصد في الشرعيات متعلقا للأحكام في مثل قوله: (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) (1) ومثل الحكم بأن القاصد