لا التخصيص لكي يقال: إنها آبية عنه، فإن تلك الأدلة تقتضي إلغاء احتمال الخلاف، وجعل الخبر محرزا للواقع، لكون حاله حال العلم في عالم التشريع.
هذا في غير السيرة العقلائية القائمة على العمل بالخبر الواحد.
وأما السيرة فيمكن أن يقال: إن نسبتها إليها هي الورود، بل التخصص، لأن عمل العقلاء بخبر الثقة ليس من العمل بالظن، لعدم التفاتهم إلى احتمال المخالفة للواقع، فالعمل به خارج بالتخصص عن العمل بالظن، فلا تصلح الآيات الناهية عن العمل به لأن تكون رادعة عنها، فإنه - مضافا إلى خروج العمل به عن موضوع الآيات - يلزم منه الدور المحال، لان الردع عن السيرة بها يتوقف على أن لا تكون السيرة مخصصة لعمومها، وعدم التخصص يتوقف على الرادعية.
وإن منعت عن ذلك فلا أقل من كون السيرة حاكمة على الآيات، والمحكوم لا يصلح أن يكون رادعا للحاكم (1) انتهى.
أقول: أما قضية إباء الآيات عن التخصيص فقد عرفت أن قوله تعالى:
* (ولا تقف ما ليس لك به علم) * (2) الذي هو عام قابل للتخصيص، وما ليس بقابل له هو الآيات المربوطة بالأصول الاعتقادية، فراجع.
وأما حديث الحكومة فلا أصل له، فإن الأخبار على كثرتها لم يكن لسانها لسان الحكومة، مع أن الحكومة متقومة بلسان الدليل.