أو غيرها إذا حصلت بمبادئها في النفس لا يمكن تخلف الالتزام والتسليم والانقياد القلبي عنها، ولا يمكن الالتزام بأضدادها، مثلا من قام البرهان الأولي عنده على وجود المبدأ المتعال ووحدته لا يمكن له اختيارا وإرادة الالتزام وعقد القلب بعدم وجوده ووحدته تعالى، كما لا يمكن عقد القلب حقيقة على ضد أمر محقق محسوس، كعقد القلب على أن النار باردة، وأن الشمس مظلمة، وأن الكوكب الذي يفعل النهار هو المشتري، وقس على ذلك كلية الاعتقاديات والفرعيات الضرورية والمسلمة، فكما لا يمكن عقد القلب والالتزام على ضد أمر تكويني لا يمكن على ضد أمر تشريعي بالضرورة والوجدان.
وما يتوهم (1) أن الكفر الجحودي يكون من قبيل الالتزام القلبي على خلاف اليقين الحاصل لصاحبه - كما قال تعالى * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) * (2) - فاسد، فإن الجحود عبارة عن الانكار اللساني، لا الالتزام القلبي كما هو واضح.
وكذلك الحال في الفرعيات الثابتة بالطرق والأمارات وسائر الحجج الشرعية، فإن الالتزام بها والتسليم لها مع حصول مقدماتها والعلم بها قهري تبعي، لا إرادي اختياري، والالتزام على خلافها غير ممكن، فلا يمكن للذي ثبت عنده بالحجة الشرعية أن حكم الغسالة هو النجاسة أن يلتزم بطهارتها شرعا، أو لا يلتزم بنجاستها، إلا أن يرجع إلى تخطئة الشارع، وهو خلاف