فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن العناية في الجعل في أخبار الاستصحاب هي جعل اليقين في زمان الشك، لا بمعنى جعل يقين في مقابل اليقين السابق، بل بمعنى إطالة عمر اليقين السابق وإبقائه وحفظه.
فحقيقة الاستصحاب عبارة عن إبقاء اليقين وإطالة عمره إلى زمان الشك بلحاظ كشفه عن الواقع، لا البناء العملي على وجود المتيقن، كما هو المستفاد من أدلته، وبمجرد كون الجعل بلحاظ العمل لا ينسلك الشئ في سلك الأصول، وإلا فالأمارات مطلقا على مبنى القائلين باحتياجها إلى الجعل الشرعي يكون جعلها بلحاظ العمل، وإلا لزم اللغوية.
وبالجملة: ليس في أخبار الاستصحاب عين ولا أثر للبناء العملي ولا لأخذ الشك موضوعا، وعليك بأخباره مع رفض ما عندك من المسموعات التي صارت كالمسلمات بل الفطريات للناظر فيها، فصارت حجابا غليظا عن الحقيقة.
ومما يؤيد ما ذكرنا الروايات الواردة في باب جواز الشهادة بالاستصحاب كروايات معاوية بن وهب (1) فراجع. هذا حال الاستصحاب.