تعارض فيه الخبران الظاهر في استعلامه عن الحكم الواقعي على أن قوله (فاعلمني كيف تصنع أنت لاقتدي بك) كالصريح في أن السؤال عن الحكم الواقعي للمسألة فيكون مقتضى التطابق بينه وبين الجواب كون النظر في كلام الإمام (ع) إلى ذلك أيضا إذ لا وجه لصرف النظر مع تعيين الواقعة عن حكمها الواقعي إلى الحكم الظاهري العام. واما ظهور الجواب في التخيير الواقعي فباعتبار انه المناسب مع حال الإمام (ع) العارف بالأحكام الواقعية والمتصدي فيما إذا كان السؤال عن واقعة معينة بالذات.
وثانيا: - لو تنزلنا وافترضنا ان النظر إلى مرحلة الحكم الظاهري والحجية فلا يمكن ان يستفاد من الرواية التخيير في حالات التعارض المستقر لان موردها التعارض بين مضمونين بينهما جمع عرفي بحمل النهي على الكراهة بقرينة الترخيص فقد يراد بالتخيير حينئذ التوسعة في مقام العمل بالأخذ بمفاد دليل الترخيص أو دليل النهي لعدم التنافي بينهما لكون النهي غير الزامي، لا جعل الحجية التخييرية بالمعنى المدعى.
ومنها: - مكاتبة الحميري عن الحجة عليه السلام إذ جاء فيها (يسألني بعض الفقهاء عن المصلي إذا قام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه ان يكبر فان بعض أصحابنا قال لا يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول: بحول الله وقوته أقوم واقعد فكتب (ع) في الجواب:
ان فيه حديثين، اما أحدهما فإنه إذا انتقل من حالة إلى حالة أخرى فعليه التكبير، واما الاخر فإنه روي: إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى وبأيهما اخذت من جهة التسليم كان صوابا) (1).
وفقرة الاستدلال منها قوله عليه السلام (وبأيهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا) والاستدلال بها لعله أوضح من الاستدلال بالرواية السابقة باعتبار كلمة (أخذت من جهة التسليم) التي قد يستشعر منها