فهذا يعني ان رواية المفضول عدالة منهما انما تكون حجة في حالة عدم معارضتها برواية الأعدل وعليه فالناقل لرواية الراوي المباشر الأعدل يكون مخبرا عن اختلاف شرط الحجية لرواية الراوي المباشر المفضول التي ينقلها الناقل الآخر وبهذا يكون حاكما على نقل الناقل الآخر إذ يخرج منقوله عن كونه موضوعا للحجية، وهكذا نعرف ان تطبيق الامام للترجيح بالصفات على الحاكمين اللذين يمثلان أول سلسلة السند لا ينسجم الا مع افتراض كون الترجيح لاحد الحكمين بلحاظ صفات الحاكم.
واما عدم صحة الاعتراض بالنسبة إلى الشهرة وغيرها فلان سياق الحديث ينتقل من ملاحظة الحاكمين إلى ملاحظة الرواية التي يستند إليها كل منهما حيث قال (ينظر ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك.) فأضيفت المميزات إلى الرواية لا إلى الحكم.
ولكن الشهرة في المقبولة التي ورد الترجيح بها في الدرجة الثانية ظاهرة في الاشتهار والشيوع المساوق لاستفاضة الرواية وقطعيتها وليست بمعنى اشتهار الفتوى على طبقها لان ظاهر الحديث إضافة الشهرة إلى نفس الرواية لا إلى مضمونها وذلك يناسب ما ذكرناه ويعني الترجيح بالشهرة على هذا الضوء تقديم الرواية القطعية سندا على الظنية وهذا مما لا اشكال فيه كما تقدم وليس ذلك ترجيحا لاحدى الحجتين على الأخرى لما عرفت سابقا من أن حجية الخبر الظني السند مشروطة في نفسها بعدم المعارضة لقطعي السند.
فان قيل إذا كان الامر كذلك وجب تقديم الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات لان الترجيح بالصفات يفترض حجية كل من الخبرين ويرجح احدى الحجتين على الأخرى.
كان الجواب ان الترجيح بالصفات ناظر إلى الحاكمين لا إلى الراويين كما تقدم فلا اشكال من هذه الناحية.