رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك قال عليه السلام (من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت..) قلت فكيف يصنعان قال (ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد..) قلت فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما واختلف فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم قال (الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر) قال فقلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على صاحبه قال فقال (ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه وانما الأمور ثلاثة امر بين رشده فيتبع وأمر بين غيه فيجتنب وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله.) قال الراوي: (قلت، فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة..) إلى أن قال الراوي قلت فان وافق حكامهم (اي العامة) الخبرين جميعا قال إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى امامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (1).
وهذه الرواية تشتمل على المرجحين السابقين غير أنها تذكر قبل ذلك ترجيحين آخرين، أحدهما الترجيح بصفات الراوي، والآخر الترجيح بالشهرة فان تمت دلالتها على ذلك كانت مقيدة لاطلاق الرواية السابقة ودالة على أن الانتهاء إلى المرجحين السابقين متوقف على عدم وجود هذين