ونحن يكفينا إنكار علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو المعصوم الذي يدور معه الحق كيفما دار كما في الحديث النبوي المعروف (1). وإنكاره معلوم من طريقته، وقد رووا عنه قوله: " لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره " (2) وهو يريد بذلك إبطال القول بجواز المسح على الخف الذي لا مدرك له إلا القياس أو الاستحسان.
الدليل من العقل:
لم يذكر أكثر الباحثين عن القياس دليلا عقليا على حجيته (3) غير أن جملة منهم ذكر له وجوها أحسنها فيما أحسب ما سأذكره، مع أنه من أوهن الاستدلالات.
الدليل: إنا نعلم قطعا بأن الحوادث لا نهاية لها.
ونعلم قطعا أنه لم يرد النص في جميع الحوادث، لتناهي النصوص، ويستحيل أن يستوعب المتناهي مالا يتناهى.
إذن فيعلم أنه لابد من مرجع لاستنباط الأحكام لتلافي النواقص من الحوادث. وليس هو إلا القياس.
والجواب: صحيح أن الحوادث الجزئية غير متناهية، ولكن لا يجب في كل حادثة جزئية أن يرد نص من الشارع بخصوصها، بل يكفي أن تدخل في أحد العمومات. والأمور العامة محدودة متناهية لا يمتنع ضبطها ولا يمتنع استيعاب النصوص لها.
على أن فيه مناقشات أخرى لا حاجة بذكرها.