والحاصل: أنه لا يفهم من أخبار التوقف إلا أنه لا يجوز الأخذ بالأخبار المتعارضة المتكافئة ولا العمل بواحد منها، وإنما يحال الأمر في شأنها إلى الإمام ويؤجل البت فيها إلى ملاقاته لتحصيل الحجة على الحكم بعد السؤال عنه. فهي تقول بما يؤول إلى أن الأخبار المتعارضة المتكافئة لا تصلح لإثبات الحكم، فلا تجوز الفتوى ولا العمل بأحدها.
وينحصر الأمر حينئذ بملاقاة الإمام والسؤال منه. فإذا لم تحصل الملاقاة - ولو لغيبة الإمام - فلا يجوز الإقدام على العمل بأحد المتعارضين.
وعلى هذا، فتكون هذه الأخبار مباينة لأخبار التخيير لا أخص منها.
الأمر الثالث المرجحات تقدم (ص 213) أن من شروط تحقق التعارض أن يكون كل من الدليلين واجدا لشرائط الحجية في حد نفسه، لأ أنه لا تعارض بين الحجة واللاحجة، فإذا بحثنا عن المرجحات فالذي نعنيه أن نبحث عما يرجح الحجة على الأخرى بعد فرض حجيتهما معا في أنفسهما، لا عما يقوم أصل الحجة ويميزها عن اللاحجة. وعليه، فالجهة التي تكون من مقومات الحجة مع قطع النظر عن المعارضة لا تدخل في مرجحات باب التعارض، بل تكون من مميزات الحجة عن اللاحجة.
ومن أجل هذا يجب أن نتنبه إلى الروايات المذكورة في باب الترجيحات، إلى أنها واردة في صدد أي شئ من ذلك، في صدد الترجيح، أو التمييز؟
فلو كانت على النحو الثاني لا يكون فيها شاهد على ما نحن فيه،