ليس إلا بناء العقلاء، فهو المتبع في أصل الحجية وخصوصياتها. ألا ترى لا يصح للسامع أن يحتج بعدم حصول الظن الفعلي عنده من الظاهر إذا أراد مخالفته - مهما كان السبب لعدم حصول ظنه - ما دام أن اللفظ بحالة من شأنه أن يثير الظن لدى عامة الناس؟
وهذا ما يسمى ب " الظن النوعي " فيكتفى به في حجية الظاهر، كما يكتفى به في حجية خبر الواحد كما تقدم. وإلا لو كان " الظن الفعلي " معتبرا في حجية الظهور لكان كل كلام في آن واحد حجة بالنسبة إلى شخص غير حجة بالنسبة إلى شخص آخر، وهذا ما لا يتوهمه أحد. ومن البديهي أنه لا يصح ادعاء أن الظاهر ليكون (1) حجة لابد أن يستلزم الظن الفعلي عند جميع الناس بغير استثناء، وإلا فلا يكون حجة بالنسبة إلى كل أحد.
2 - اعتبار عدم الظن بالخلاف:
قيل: إن لم يعتبر الظن بالوفاق فعلى الأقل يعتبر ألا يحصل ظن بالخلاف (2).
قال الشيخ صاحب الكفاية في رده: والظاهر أن سيرتهم على اتباعها - أي الظواهر - من غير تقييد بإفادتها الظن فعلا ولا بعدم الظن كذلك على خلافها قطعا، ضرورة أنه لا مجال للاعتذار من مخالفتها بعدم إفادتها الظن بالوفاق ولا بوجود الظن بالخلاف (3).