الواقع على كل حال أمر باتباع الاحتياط ولم يكتف بالظنون فيها، وذلك كموارد الدماء والفروج (1).
- 13 - الأمارة طريق أو سبب قد أشرنا في البحث السابق إلى مذهبي السببية والطريقية في الأمارة وقد عقدنا هذا البحث لبيان هذا الخلاف.
فإن ذلك من الأمور التي وقعت أخيرا موضع البحث والرد والبدل عند الأصوليين، فاختلفوا في أن الأمارة هل هي حجة مجعولة على نحو " الطريقية " أو أنها حجة مجعولة على نحو " السببية " أي أنها طريق أو سبب.
والمقصود من كونها طريقا: أنها مجعولة لتكون موصلة فقط إلى الواقع للكشف عنه، فإن أصابته فإنه يكون منجزا بها وهي منجزة له، وإن أخطأته فإنها حينئذ تكون صرف معذر للمكلف في مخالفة الواقع.
والمقصود من كونها سببا: أنها تكون سببا لحدوث مصلحة في مؤداها تقاوم تفويت مصلحة الأحكام الواقعية على تقدير الخطأ، فينشئ الشارع حكما ظاهريا على طبق ما أدت إليه الأمارة.
والحق أنها مأخوذة على نحو " الطريقية ".
والسر في ذلك واضح بعدما تقدم، فإن القول بالسببية - كما قلنا - مترتب على القول بالطريقية، يعني أن منشأ قول من قال بالسببية هو العجز عن تصحيح جعل الطرق على نحو الطريقية، فيلتجئ إلى فرض السببية.