وأما المقدمة الثانية: فقد وقع البحث فيها (1) في حجية ظواهر الكتاب العزيز، بل قيل: إن الشارع ردع عن الأخذ بظواهر الكتاب فلم يكن متحد المسلك فيه مع العقلاء. وهذه المقالة منسوبة إلى الأخباريين (2). وعليه، فينبغي البحث عن كل واحد واحد من هذه الأمور، فنقول:
1 - اشتراط الظن الفعلي بالوفاق:
قيل: لابد في حجية الظاهر من حصول ظن فعلي بمراد المتكلم، وإلا فهو ليس بظاهر (3). يعني أن المقوم لكون الكلام ظاهرا حصول الظن الفعلي للمخاطب بالمراد منه، وإلا فلا يكون ظاهرا، بل يكون مجملا.
أقول: من المعلوم: أن الظهور صفة قائمة باللفظ، وهو " كونه بحالة يكون كاشفا عن مراد المتكلم ودالا عليه " والظن بما هو ظن أمر قائم بالسامع لا باللفظ، فكيف يكون مقوما لكون اللفظ ظاهرا؟ وإنما أقصى ما يقال: إنه يستلزم الظن فمن هذه الجهة يتوهم أن الظن يكون مقوما لظهوره.
وفي الحقيقة: أن المقوم لكون الكلام ظاهرا عند أهل المحاورة هو كشفه الذاتي عن المراد، أي كون الكلام من شأنه أن يثير الظن عند السامع بالمراد منه وإن لم يحصل ظن فعلي للسامع، لأن ذلك هو الصفة القائمة بالكلام المقومة لكونه ظاهرا عند أهل المحاورة. والمدرك لحجية الظاهر