وبهذا نثبت حجية مثل الاستصحاب ببناء العقلاء، لأ أنه لما كان مما بنى على العمل به العقلاء بما فيهم المسلمون وقد أجروه في الأمور الشرعية بمرأى ومسمع من الإمام، والمفروض أنه لم يكن هناك ما يحول دون إظهار الردع وتبليغه - من تقية ونحوها - فلابد أن يكون الشارع قد ارتضاه طريقة في الأمور الشرعية.
وإن كان الثاني - أي لم يعلم ثبوت السيرة في الأمور الشرعية - فإنه لا يكفي حينئذ في استكشاف موافقة الشارع عدم ثبوت الردع منه، إذ لعله ردعهم عن إجرائها في الأمور الشرعية فلم يجروها، أو لعلهم لم يجروها في الأمور الشرعية من عند أنفسهم فلم يكن من وظيفة الشارع أن يردع عنها في غير الأمور الشرعية لو كان لا يرتضيها في الشرعيات.
وعليه، فلأجل استكشاف رضا الشارع وموافقته على إجرائها في الشرعيات لابد من إقامة دليل خاص قطعي على ذلك.
وبعض السير من هذا القبيل قد ثبت عن الشارع إمضاؤه لها، مثل الرجوع إلى أهل الخبرة عند النزاع في تقدير قيم الأشياء ومقاديرها، نظير القيميات المضمونة بالتلف ونحوه، وتقدير قدر الكفاية في نفقة الأقارب، ونحو ذلك.
أما ما لم يثبت فيها دليل خاص كالسيرة في الرجوع إلى أهل الخبرة في اللغات، فلا عبرة بها وإن حصل الظن منها، لأن الظن لا يغنى عن الحق شيئا، كما تقدم ذلك هناك.
- 2 - حجية سيرة المتشرعة إن السيرة عند المتشرعة من المسلمين على فعل شئ أو تركه هي