بالمرجوح لعدم إحراز كونه معذرا.
ثالثا: إذا قلنا بأن القاعدة الثانوية الشرعية في المتعارضين هو " التخيير " - كما هو المشهور - وإن كانت القاعدة الأولية العقلية هي " التساقط " فلابد أن نرجع إلى مقدار دلالة أخبار الباب. فإن استفدنا منها التخيير مطلقا حتى مع وجود المرجحات، فذلك دليل على عدم اعتبار الترجيح مطلقا بأي مرجح كان. وإن استفدنا منها التخيير في صورة تكافؤ المتعارضين فقط، فلابد من استفادة الترجيح من نفس الأخبار، إما بكل مزية أو بخصوص المزايا المنصوصة. وقد عرفت أن الشيخ الأعظم يستفيد منها العموم (1).
إذا عرفت ما شرحناه فإنك تعرف أن الحق على كل حال ما ذهب إليه الشيخ الأعظم - الذي هو مذهب المشهور - وهو الترجيح بكل مزية توجب أقربية الأمارة إلى الواقع نوعا. وذلك بناء على المختار من أن القاعدة هي " التساقط " فإنها مخصوصة بما إذا كان المتعارضان متكافئين.
وأما ما فيه المزية الموجبة لأقربية الأمارة إلى الواقع في نظر الناظر، فإن بناء العقلاء مستقر على العمل بذي المزية الموجبة للأقربية إلى الواقع، كما تقدم. ولا نحتاج بناء على هذا إلى استفادة عموم الترجيح من الأخبار وإن كان الحق أن الأخبار تشعر بذلك، فهي تؤيد ما نقول. ولا حاجة إلى التطويل في بيان وجه الاستفادة منها.
هذا آخر ما أردنا بيانه في مسألة التعادل والتراجيح، وبقيت هناك أبحاث كثيرة في هذه المسألة نحيل الطالب فيها إلى المطولات.
والحمد لله رب العالمين (2)