أما الكتاب العزيز: فإنه من المعلوم لنا أن التكاليف التي يتضمنها عامة لجميع المكلفين ولا اختصاص لها بالمشافهين، وبمقتضى عمومها يجب ألا تقترن بقرائن تخفى على غير المشافهين. بل لا شك في أن المشافهين ليسوا وحدهم المقصودين بالإفهام بخطابات القرآن الكريم.
وأما السنة: فإن الأحاديث الحاكية لها - على الأكثر - تتضمن تكاليف عامة لجميع المكلفين أو المقصود بها إفهام الجميع حتى غير المشافهين، وقلما يقصد بها إفهام خصوص المشافهين في بعض الجوابات على أسئلة خاصة. وإذا قصد ذلك فإن التكليف فيها لابد أن يعم غير السائل بقاعدة الاشتراك. ومقتضى الأمانة في النقل وعدم الخيانة من الراوي - المفروض فيه ذلك - أن ينبه على كل قرينة دخيلة في الظهور، ومع عدم بيانها منه يحكم بعدمها.
5 - حجية ظواهر الكتاب:
نسب إلى جماعة من الأخباريين القول بعدم حجية ظواهر الكتاب العزيز، وأكدوا: أنه لا يجوز العمل بها من دون أن يرد بيان وتفسير لها من طريق آل البيت (عليهم السلام) (1).
أقول: إن القائلين بحجية ظواهر الكتاب:
1 - لا يقصدون حجية كل ما في الكتاب، وفيه آيات محكمات واخر متشابهات. بل المتشابهات لا يجوز تفسيرها بالرأي. ولكن التمييز بين المحكم والمتشابه ليس بالأمر العسير على الباحث المتدبر إذا كان هذا ما يمنع من الأخذ بالظواهر التي هي من نوع المحكم.