فإن كان هو القطع، فذلك هو المطلوب.
وإن لم يكن قطعا، فما هو؟
وليس يمكن فرض شئ آخر غير نفس الظن، فإنه لا ثالث لهما يمكن فرض حجيته.
ولكن الظن الثاني القائم على حجية الظن الأول أيضا ليس حجة بذاته، إذ لا فرق بين ظن وظن من هذه الناحية. فننقل الكلام إلى هذا الظن الثاني، ولابد أن تكون حجيته أيضا مستفادة من الغير، فما هو ذلك الغير؟
فإن كان هو القطع، فذلك هو المطلوب.
وإن لم يكن قطعا، فظن ثالث.
فننقل الكلام إلى هذا الظن الثالث، فيحتاج إلى ظن رابع... وهكذا إلى غير النهاية، ولا ينقطع التسلسل إلا بالانتهاء إلى ما هو حجة بذاته، وليس هو إلا العلم.
ثالثا - فانتهى الأمر بالأخير إلى العلم، فتم المطلوب.
وبعبارة أسد وأخصر، نقول:
إن الظن لما كانت حجيته ليست ذاتية فلا تكون إلا بالعرض، وكل ما بالعرض لابد أن ينتهي إلى ما هو بالذات، ولا مجاز بلا حقيقة. وما هو حجة بالذات ليس إلا العلم، فانتهى الأمر بالأخير إلى العلم.
وهذا ما أردنا إثباته، وهو أن قوام الأمارة والمناط في إثبات حجيتها هو العلم، فإنه تنتهي إليه حجية كل حجة، لأن حجيته ذاتية.
- 7 - حجية العلم ذاتية كررنا في البحث السابق القول بأن " حجية العلم ذاتية " ووعدنا ببيانها، وقد حل هنا الوفاء بالوعد، فنقول: