الجزء الثالث (ص 10) (1).
ولا عجب في تطرق احتمال الخطأ في اتفاق الناس على رأي، بل تطرق الاحتمال إلى ذلك أكثر من تطرقه إلى الاتفاق في النقل، لأن أسباب الاشتباه والغلط فيه أكثر.
ثم إن هذا الطريق العقلي أو المعنوي لو تم، فأي شئ يخصصه بخصوص الصحابة أو المسلمين أو علماء طائفة خاصة من دون باقي الناس وسائر الأمم؟ إلا إذا ثبت من دليل آخر اختصاص المسلمين أو بعض منهم بمزية خاصة ليست للأمم الأخرى وهي العصمة من الخطأ.
فإذا - على هذا التقدير - لا يكون الدليل على الإجماع إلا هذا الدليل الآخر الذي يثبت العصمة للأمة المسلمة أو بعضها، لا الطريق العقلي المدعى. وهذا رجوع إلى المسلك الأول والثاني، وليس هو مسلكا مستقلا عنها.
وبالختام نقول: إذا كانت هذه المسالك الثلاثة لم تتم لنا أدلة على حجية الإجماع من أصله من جهة أنه إجماع، فلا يظهر للإجماع قيمة من ناحية كونه حجة ومصدرا للتشريع الإسلامي، مهما بالغ الناس في الاعتماد عليه. وإنما يصح الاعتماد عليه إذا كشف لنا عن قول المعصوم، فيكون حينئذ كالخبر المتواتر الذي تثبت به السنة. وسيأتي البحث عن ذلك.
وأما السؤال الثاني:
فالذي يثيره أن ظاهر تلك المسالك الثلاثة المتقدمة يقضي بأن الحجة