وفي الحقيقة أن هذا تسامح في التعبير منهم على نحو المجاز في الاستعمال، لا أنه وضع آخر لكلمة " الأمارة ". وإنما مدلول الأمارة الحقيقي هو كل شئ اعتبره الشارع لأجل أنه يكون سببا للظن، كخبر الواحد والظواهر.
والمجاز هنا:
إما من جهة إطلاق السبب على مسببه، فيسمى الظن المسبب " أمارة ".
وإما من جهة إطلاق المسبب على سببه، فتسمى الأمارة التي هي سبب للظن " ظنا " فيقولون: " الظن المعتبر " و " الظن الخاص " والاعتبار والخصوصية إنما هما لسبب الظن.
ومنشأ هذا التسامح في الإطلاق هو: أن السر في اعتبار الأمارة وجعلها حجة وطريقا هو إفادتها للظن دائما أو على الأغلب. ويقولون للثاني الذي يفيد الظن على الأغلب: " الظن النوعي " على ما سيأتي بيانه.
- 4 - الظن النوعي ومعنى " الظن النوعي ": أن الأمارة تكون من شأنها أن تفيد الظن عند غالب الناس ونوعهم. واعتبارها عند الشارع إنما يكون من هذه الجهة، فلا يضر في اعتبارها وحجيتها ألا يحصل منها ظن فعلي للشخص الذي قامت عنده الأمارة، بل تكون حجة عند هذا الشخص أيضا، حيث إن دليل اعتبارها دل على أن الشارع إنما اعتبرها حجة ورضي بها طريقا لأن من شأنها أن تفيد الظن وإن لم يحصل الظن الفعلي منها لدى بعض الأشخاص.
ثم لا يخفى عليك: أنا قد نعبر فيما يأتي تبعا للأصوليين، فنقول:
" الظن الخاص " أو " الظن المعتبر " أو " الظن الحجة " وأمثال هذه