الأمارة يعتبر الأمارة بيانا تعبدا، وبهذا التعبد يرتفع موضوع البراءة العقلية وهو " عدم البيان ".
وهكذا الحال في قاعدتي الاحتياط والتخيير، فإن موضوع الأولى " عدم المؤمن من العقاب " والأمارة بمقتضى دليل حجيتها مؤمنة منه، وموضوع الثانية " الحيرة " في الدوران بين المحذورين، والأمارة بمقتضى دليل حجيتها مرجحة لأحد الطرفين، فترتفع الحيرة.
وبهذا البيان لمعنى " الورود " يتضح الفرق بينه وبين " الحكومة " فإن ورود أحد الدليلين باعتبار كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر حقيقة ولكن بعناية التعبد، فيكون الأول واردا على الثاني. أما الحكومة فإنها لا توجب خروج مدلول الحاكم عن موضوع مدلول المحكوم وجدانا وعلى وجه الحقيقة، بل الخروج فيها إنما يكون حكميا وتنزيليا وبعناية ثبوت المتعبد به اعتبارا.
6 - القاعدة في المتعارضين التساقط أو التخيير:
أشرنا فيما تقدم (ص 216) إلى أن القاعدة في التعادل بين المتزاحمين هو التخيير بحكم العقل، وذلك محل وفاق. أما في تعادل المتعارضين فقد وقع الخلاف في أن القاعدة هي التساقط أو التخيير؟
والحق أن القاعدة الأولية هي التساقط، وعليه أساتذتنا المحققون، وإن دل الدليل من الأخبار على التخيير كما سيأتي. ونحن نتكلم في القاعدة بناء على المختار: من أن الأمارات مجعولة على نحو الطريقية.
ولا حاجة للبحث عنها بناء على السببية، فنقول:
إن الدليل الذي يوهم لزوم التخيير هو: أن التعارض لا يقع بين الدليلين إلا إذا كان كل منهما واجدا لشرائط الحجية، كما تقدم في شروط