ولا ينقضي العجب ممن يذهب إلى عدم وجوب قضاء الحج ولا الصوم - كالحنفية - ويقول: " دين الناس أحق بالقضاء " ثم يستدل بهذا الحديث على حجية القياس!
ومنها: حديث بيع الرطب بالتمر، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل: أينقص الرطب إذا يبس؟ فلما أجيب بنعم، قال: " فلا، إذا " (1).
والجواب: أن هذا الحديث - على تقدير صحته - يشبه حديث الخثعمية، فإن المقصود منه التنبيه على تطبيق العام على أحد مصاديقه الخفية. وليس هو من القياس في شئ.
وكذلك يقال في أكثر الأحاديث المروية في الباب.
على أنها بجملتها معارضة بأحاديث اخر يفهم منها النهي عن الأخذ بالرأي من دون الرجوع إلى الكتاب والسنة.
الدليل من الإجماع:
والإجماع هو أهم دليل عندهم، وعليه معولهم في هذه المسألة.
والغرض منه إجماع الصحابة.
ويجب الاعتراف بأن بعض الصحابة استعملوا الاجتهاد بالرأي وأكثروا، بل حتى فيما خالف النص تصرفا في الشريعة باجتهاداتهم.
والإنصاف: أن ذلك لا ينبغي أن ينكر من طريقتهم، ولكن - كما سبق أن أوضحناه - لم تكن الاجتهادات واضحة المعالم عندهم من كونها على نحو القياس أو الاستحسان أو المصالح المرسلة، ولم يعرف عنهم على أي أساس كانت اجتهاداتهم، أكانت تأويلا للنصوص أو جهلا بها أو استهانة بها؟ ربما كان بعض هذا أو كله من بعضهم.