لا وجود له إلا وجودا قصديا. ولكنه من البعيد جدا أن يكون ذلك غرض الشيخ من السلوك، لأن هذا الفعل القلبي إنما يصح أن يفرض وجوبه في خصوص الأمور العبادية، ولا معنى للالتزام بوجوب القصد في جميع أفعال الإنسان المستند فعلها إلى الأمارة.
ثانيا: على تقدير تسليم اختلافهما وجودا، فإن قيام المصلحة بشئ إنما يدعو إلى تعلق الأمر به، لا بشئ آخر غيره وجودا وإن كانا متلازمين في الوجود. فمهما فرضنا من معنى للسلوك - وإن كان بمعنى الفعل القلبي - فإنه إذا كانت المصلحة المقتضية للأمر قائمة به فكيف يصح توجيه الأمر إلى ذات الفعل والمفروض أن له وجودا آخر لم تقم به المصلحة؟
وأما إضافة كلمة " الأمر " على عبارة الشيخ فهي بعيدة جدا عن مراده وعباراته الأخرى.
- 15 - الحجية أمر اعتباري أو انتزاعي من الأمور التي وقعت موضع البحث أيضا عند المتأخرين مسألة أن الحجية هل هي من الأمور الاعتبارية المجعولة بنفسها وذاتها، أو أنها من الانتزاعيات التي تنتزع من المجعولات؟
وهذا النزاع في الحجية فرع - في الحقيقة - عن النزاع في أصل الأحكام الوضعية. وهذا النزاع في خصوص الحجية - على الأقل - لم أجد له ثمرة عملية في الأصول.
على أن هذا النزاع في أصله غير محقق ولا مفهوم لأن لكلمتي " الاعتبارية " و " الانتزاعية " مصطلحات كثيرة، في بعضها تكون الكلمتان