من هذا الجزء. والقياس لا يشكل ملازمة عقلية بين حكم المقيس عليه وحكم المقيس.
نعم، إذا ورد نص من قبل الشارع في بيان علة الحكم في المقيس عليه، فإنه يصح الاكتفاء به في تعدية الحكم إلى المقيس بشرطين:
الأول: أن نعلم بأن العلة المنصوصة تامة يدور معها الحكم أينما دارت.
والثاني: أن نعلم بوجودها في المقيس.
والخلاصة: أن القياس في نفسه لا يفيد العلم بالحكم، لأ أنه لا يتكفل ثبت الملازمة بين حكم المقيس عليه وحكم المقيس. ويستثنى منه منصوص العلة بالشرطين اللذين تقدما. وفي الحقيقة: أن منصوص العلة ليس من نوع القياس، كما سيأتي بيانه. وكذلك قياس الأولوية.
ولأجل أن يتضح الموضوع أكثر نقول: إن الاحتمالات الموجودة في كل قياس خمسة، ومع هذه الاحتمالات لا تحصل الملازمة بين حكم الأصل وحكم الفرع، ولا يمكن رفع هذه الاحتمالات إلا بورود النص من الشارع. والاحتمالات هي:
1 - احتمال أن يكون الحكم في الأصل معللا عند الله بعلة أخرى غير ما ظنه القايس. بل يحتمل على مذهب هؤلاء ألا يكون الحكم معللا عند الله بشئ أصلا، لأ نهم لا يرون الأحكام الشرعية معللة بالمصالح والمفاسد. وهذا من مفارقات آرائهم، فإنهم إذا كانوا لا يرون تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد فكيف يؤكدون تعليل الحكم الشرعي في المقيس عليه بالعلة التي يظنونها؟ بل كيف يحصل لهم الظن بالتعليل؟
2 - احتمال أن هناك وصفا آخر ينضم إلى ما ظنه القايس علة بأن