ويشهد لذلك أنها جعلت من جملة المرجحات كونه " أفقه " في عرض كونه " أعدل " و " أصدق في الحديث " ولا ربط للأفقهية بترجيح الرواية من جهة كونها رواية.
نعم، إن المقبولة انتقلت بعد ذلك إلى الترجيح للرواية بما هي رواية ابتداء من الترجيح بالشهرة، وإن كان ذلك من أجل كونها سندا لحكم الحاكم، فإن هذا أمر آخر غير الترجيح لنفس الحكم وبيان نفوذه.
وعليه، فالمقبولة لا دليل فيها على الترجيح بالصفات. وأما الترجيح بالشهرة وما يليها، فسيأتي الكلام عنه. ويؤيد هذا الاستنتاج أن صاحب الكافي لم يذكر في مقدمة كتابه الترجيح بصفات الراوي.
3 - الترجيح بالشهرة:
تقدم (ص 170) أن الشهرة ليست حجة في نفسها، وأما إذا كانت مرجحة للرواية - على القول به - فلا ينافي عدم حجيتها في نفسها.
والشهرة المرجحة على نحوين: شهرة عملية - وهي الشهرة الفتوائية المطابقة للرواية - وشهرة في الرواية وإن لم يكن العمل على طبقها مشهورا.
أما الأولى: فلم يرد فيها من الأخبار ما يدل على الترجيح بها. فإذا قلنا بالترجيح بها، فلابد أن يكون بمناط وجوب الترجيح بكل ما يوجب الأقربية إلى الواقع - على ما سيأتي وجهه - غاية الأمر أن تقوية الرواية بالعمل بها يشترط فيها أمران:
1 - أن يعرف استناد الفتوى إليها، إذ لا يكفي مجرد مطابقة فتوى المشهور للرواية في الوثوق بأقربيتها إلى الواقع.