بعضها مع بعض. والتبدل في العادات غالبا يحدث بالتدريج في زمن طويل قد لا يحس به من جرى على أيديهم التبديل.
ولأجل هذا لا نثق في السيرات الموجودة في عصورنا أنها كانت موجودة في العصور الإسلامية الأولى. ومع الشك في ذلك فأجدر بها ألا تكون حجة، لأن الشك في حجية الشئ كاف في وهن حجيته، إذ لا حجة إلا بعلم.
- 3 - مدى دلالة السيرة إن السيرة عندما تكون حجة فأقصى ما تقتضيه أن تدل على مشروعية الفعل وعدم حرمته في صورة السيرة على الفعل، أو تدل على مشروعية الترك وعدم وجوب الفعل في صورة السيرة على الترك.
أما استفادة الوجوب من سيرة الفعل والحرمة من سيرة الترك، فأمر لا تقتضيه نفس السيرة. بل كذلك الاستحباب والكراهة، لأن العمل في حد ذاته مجمل لا دلالة له على أكثر من مشروعية الفعل أو الترك.
نعم، المداومة والاستمرار على العمل من قبل جميع الناس المتشرعين قد يستظهر منها استحبابه، لأ أنه يدل ذلك على استحسانه عندهم على الأقل. ولكن يمكن أن يقال: إن الاستحسان له ربما ينشأ من كونه أصبح عادة لهم، والعادات من شأنها أن يكون فاعلها ممدوحا مرغوبا فيه لدى الجمهور وتاركها مذموما عندهم. فلا يوثق - إذا - فيما جرت عليه السيرة بأن المدح للفاعل والذم للتارك كانا من ناحية شرعية.
والغرض أن السيرة بما هي سيرة لا يستكشف منها وجوب الفعل