وكذلك الترجيح للمشهور بالشهرة إنما يتوقف على حجيته الاقتضائية الثابتة له في نفسه، لا على فعلية حجيته، ولا على عدم فعلية حجية الشاذ في قباله، بل فعلية حجية المشهور تنشأ من الترجيح له بالشهرة ويترتب عليها حينئذ عدم فعلية حجية الشاذ.
وعليه، فكما لا يتوقف الترجيح بالشهرة على عدم فعلية الشاذ المقابل له، كذلك لا يتوقف الترجيح بالمخالفة على عدم فعلية المشهور المقابل له. ومن ذلك يتضح أنه كما يقتضي الحكم بحجية المشهور عدم حجية الشاذ فلا معنى لحمله على بيان الحكم الواقعي، كذلك يقتضي الحكم بحجية الشاذ عدم حجية المشهور، فلا معنى لحمله على بيان الحكم الواقعي. وليس الأول أولى بالتقديم من الثاني.
نعم، إذا دل دليل خاص مثل " المقبولة " على أولوية الشهرة بالتقديم من المخالفة فهذا شئ آخر هو مقتضى الدليل، لا أنه مقتضى القاعدة.
والنتيجة: أنه لا قاعدة هناك تقتضي تقديم أحد المرجحات على الآخر، ما عدا الشهرة التي دلت المقبولة على تقديمها. وما عدا ذلك فالمقدم هو الأقوى مناطا - أي ما هو الأقرب إلى الواقع في نظر المجتهد - فإن لم يحصل التفاضل من هذه الجهة فالقاعدة هي التساقط، لا التخيير.
ومع التساقط يرجع إلى الأصول العملية التي يقتضيها المورد.
المقام الثالث في التعدي عن المرجحات المنصوصة لقد اختلفت أنظار الفقهاء في وجوب الترجيح بغير المرجحات المنصوصة على أقوال:
1 - وجوب التعدي إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع نوعا، وهو