وبهذا البيان والتفريق بين الصورتين يمكن التوفيق بين المتنازعين في حجية منصوص العلة، فمن يراه حجة يراه فيما إذا كان له ظهور في عموم العلة، ومن لا يرى حجيته يراه فيما إذا كان الأخذ به أخذا به على نهج القياس.
والخلاصة: أن المدار في منصوص العلة أن يكون له ظهور في عموم الموضوع لغير ماله الحكم - أي المعلل الأصل - فإنه عموم من جملة الظواهر التي هي حجة. ولابد حينئذ أن تكون حجيته على مقدار ماله من الظهور في العموم، فإذا أردنا تعديته إلى غير ما يشمله ظهور العموم فإن التعدية لا محالة تكون من نوع الحمل والقياس الذي لا دليل عليه، بل قام الدليل على بطلانه.
قياس الأولوية:
أما قياس الأولوية: فهو نفسه الذي يسمى " مفهوم الموافقة " الذي تقدمت الإشارة إليه (1 / 157) وقلنا هناك: إنه يسمى " فحوى الخطاب " كمثال الآية الكريمة * (ولا تقل لهما اف) * (1) الدالة بالأولوية على النهي عن الشتم والضرب ونحوهما.
وتقدم في هذا الجزء (ص 131) أن هذا من الظواهر. فهو حجة من أجل كونه ظاهرا من اللفظ، لامن أجل كونه قياسا حتى يكون استثناء من عموم النهي عن القياس، وإن أشبه القياس، ولذلك سمي ب " قياس الأولوية " و " القياس الجلي ".
ومن هنا لا يفرض " مفهوم الموافقة " إلا حيث يكون للفظ ظهور