ما يورث الظن ببقاء المتيقن في الزمان اللاحق، ولأن حقيقته - كما سيأتي في موضعه - البناء على اليقين السابق بعد الشك كأن المتيقن السابق لم يزل ولم يشك في بقائه. ولأجل هذا سمي الاستصحاب عند من يراه أصلا " أصلا محرزا ".
فمن لاحظ في الاستصحاب جهة ما له من إحراز وأنه يوجب الظن واعتبر حجيته من هذه الجهة عده من الأمارات. ومن لاحظ فيه أن الشارع إنما جعله مرجعا للمكلف عند الشك والحيرة واعتبر حجيته من جهة دلالة الأخبار عليه عده من جملة الأصول. وسيأتي - إن شاء الله تعالى - شرح ذلك في محله مع بيان الحق فيه.
- 6 - المناط في إثبات حجية الأمارة مما يجب أن نعرفه - قبل البحث والتفتيش عن الأمارات التي هي حجة - المناط في إثبات حجية الأمارة وأنه بأي شئ يثبت لنا أنها حجة يعول عليها. وهذا هو أهم شئ تجب معرفته قبل الدخول في المقصود.
فنقول:
إنه لا شك في أن الظن بما هو ظن لا يصح أن يكون هو المناط في حجية الأمارة ولا يجوز أن يعول عليه في إثبات الواقع، لقوله تعالى:
* (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (1) وقد ذم الله تعالى في كتابه المجيد من يتبع الظن بما هو ظن كقوله: * (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) * (2). وقال تعالى: * (قل أألله أذن لكم أم على الله تفترون) * (3).