- 8 - موطن حجية الأمارات قد أشرنا في مبحث الإجزاء (الجزء الثاني ص 309 السطر الأخير) إلى أن جعل الطرق والأمارات يكون في فرض التمكن من تحصيل العلم، وأحلنا بيانه إلى محله. وهذا هو محله، فنقول:
إن غرضنا من ذلك القول هو أننا إذ نقول: إن أمارة حجة - كخبر الواحد - مثلا - فإنما نعني أن تلك الأمارة مجعولة حجة مطلقا، أي أنها في نفسها حجة مع قطع النظر عن كون الشخص الذي قامت عنده تلك الأمارة متمكنا من تحصيل العلم بالواقع أو غير متمكن منه، فهي حجة يجوز الرجوع إليها لتحصيل الأحكام مطلقا حتى في موطن يمكن فيه أن يحصل القطع بالحكم لمن قامت عنده الأمارة، أي كان باب العلم بالنسبة إليه مفتوحا.
فمثلا، إذا قلنا بحجية خبر الواحد فإنا نقول: إنه حجة حتى في زمان يسع المكلف أن يرجع إلى المعصوم رأسا فيأخذ الحكم منه مشافهة على سبيل اليقين، فإنه في هذا الحال لو كان خبر الواحد حجة يجوز للمكلف أن يرجع إليه، ولا يجب عليه أن يرجع إلى المعصوم.
وعلى هذا، فلا يكون موطن حجية الأمارات في خصوص مورد تعذر حصول العلم أو امتناعه، أي ليس في خصوص مورد انسداد باب العلم، بل الأعم من ذلك، فيشمل حتى موطن التمكن من تحصيل العلم وانفتاح بابه.
نعم، مع حصول العلم بالواقع فعلا لا يبقى موضع للرجوع إلى الأمارة، بل لا معنى لحجيتها حينئذ، لا سيما مع مخالفتها للعلم، لأن معنى ذلك انكشاف خطأها.