وإذا اتضحت هذه التمهيدات، فينبغي أن نتحدث عما يهم من كل من المرحلتين في مباحث مفيدة في الباب.
طرق إثبات الظواهر إذا وقع الشك في الموردين السابقين، فهناك طرق لمعرفة وضع الألفاظ ومعرفة القرائن العامة:
منها: أن يتتبع الباحث بنفسه استعمالات العرب ويعمل رأيه واجتهاده إذا كان من أهل الخبرة باللسان والمعرفة بالنكات البيانية. ونظير ذلك ما استنبطناه (ج 1 ص 106) من أن كلمة " الأمر " لفظ مشترك بين ما يفيد معنى الشئ والطلب، وذلك بدلالة اختلاف اشتقاق الكلمة بحسب المعنيين واختلاف الجمع فيها بحسبهما.
ومنها: أن يرجع إلى علامات الحقيقة والمجاز، كالتبادر وأخواته. وقد تقدم الكلام عن هذه العلامات (ج 1 ص 68).
ومنها: أن يرجع إلى أقوال علماء اللغة. وسيأتي بيان قيمة أقوالهم.
وهناك أصول اتبعها بعض القدماء لتعيين وضع الألفاظ أو ظهوراتها في موارد تعارض أحوال اللفظ. والحق أنه لا أصل لها مطلقا، لأ أنه لا دليل على اعتبارها. وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم (ج 1 ص 74).
وهي: مثل ما ذهبوا إليه من أصالة عدم الاشتراك في مورد الدوران بين الاشتراك وبين الحقيقة والمجاز، ومثل أصالة الحقيقة لإثبات وضع اللفظ عند الدوران بين كونه حقيقة أو مجازا.
أما أنه لا دليل على اعتبارها، فلأن حجية مثل هذه الأصول لابد من استنادها إلى بناء العقلاء، والمسلم من بنائهم هو ثبوته في الأصول التي