ثالثا - قيل: الدليل حكم العقل (1) لأن العقل يحكم بوجوب رجوع الجاهل إلى العالم، فلابد أن يحكم الشارع بذلك أيضا، إذ أن هذا الحكم العقلي من " الآراء المحمودة " التي تطابقت عليها آراء العقلاء، والشارع منهم، بل رئيسهم. وبهذا الحكم العقلي أوجبنا رجوع العامي إلى المجتهد في التقليد، غاية الأمر أنا اشترطنا في المجتهد شروطا خاصة - كالعدالة والذكورة - لدليل خاص. وهذا الدليل الخاص غير موجود في الرجوع إلى قول اللغوي، لأ أنه في الشؤون الفنية لم يحكم العقل إلا برجوع الجاهل إلى العالم الموثوق به من دون اعتبار عدالة أو نحوها، كالرجوع إلى الأطباء والمهندسين. وليس هناك دليل خاص يشترط العدالة أو نحوها في اللغوي، كما ورد في المجتهد.
أقول: وهذا الوجه أقرب الوجوه في إثبات حجية قول اللغوي. ولم أجد الآن ما يقدح به.
الظهور التصوري والتصديقي قيل: إن الظهور على قسمين: تصوري وتصديقي (2).
1 - " الظهور التصوري " الذي ينشأ من وضع اللفظ لمعنى مخصوص، وهو عبارة عن دلالة مفردات الكلام على معانيها اللغوية أو العرفية. وهو تابع للعلم بالوضع، سواء كان في الكلام أو في خارجه قرينة على خلافه، أو لم تكن.
2 - " الظهور التصديقي " الذي ينشأ من مجموع الكلام، وهو عبارة عن دلالة جملة الكلام على ما يتضمنه من المعنى. فقد تكون دلالة