البيانين كقاعدة عامة بالنسبة إلى كل مكلف وبالنسبة إلى جميع العصور، لأ أنه لا تدل على ذلك إلا إذا فهم منها أن الأحدث هو الحكم الواقعي وأن الأول واقع موقع التقية أو نحوها، مع أنه لا يفهم منها أكثر من أن من القي إليه البيان خاصة حكمه الفعلي ما تضمنه البيان الأخير. وليست ناظرة إلى أنه هو الحكم الواقعي، فلربما كان حكما ظاهريا بالنسبة إليه من باب التقية. كما أنه ليست ناظرة إلى أن هذا الحكم الفعلي هو حكم كل أحد وفي كل زمان.
والحاصل: أن هذه الطائفة من الروايات لا دلالة فيها على أن البيان الأخير يتضمن الحكم الواقعي، وأن ذلك بالنسبة إلى جميع المكلفين في جميع الأزمنة، حتى يكون الأخذ بالأحدث وظيفة عامة لجميع المكلفين ولجميع الأزمان حتى زمن الغيبة ولو كان من باب التقية. ولا شك أن الأزمان والأشخاص تتفاوت وتختلف من جهة شدة التقية أو لزومها.
2 - الترجيح بالصفات:
إن الروايات التي ذكرت الترجيح بالصفات تنحصر في " مقبولة ابن حنظلة " و " مرفوعة زرارة " المشار إليهما سابقا (1) والمرفوعة كما قلنا ضعيفة جدا، لأ نهى مرفوعة ومرسلة ولم يروها إلا صاحب غوالي اللئالي.
وقد طعن صاحب الحدائق في التأليف والمؤلف إذ قال (ج 1 ص 99):
فإنا لم نقف عليها في غير كتاب غوالي اللئالي، مع ما هي عليه من الرفع والإرسال، وما عليه الكتاب من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والإهمال وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها.