بمعنى أنه يجب على كل قوم أن ينفر منهم طائفة فيرحلوا لتحصيل التفقه - وهو الاجتهاد - لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم. كما تدل أيضا بالملازمة التي سبق ذكرها على حجية قول المجتهد على الناس الآخرين ووجوب قبول فتواه عليهم.
الآية الثالثة - آية حرمة الكتمان:
وهي قوله تعالى في سورة البقرة 159: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله...) *.
وجه الاستدلال بها يشبه الاستدلال بآية النفر، فإنه لما حرم الله تعالى كتمان البينات والهدى وجب أن يقبل قول من يظهر البينات والهدى ويبينه للناس وإن كان ذلك المظهر والمبين واحدا لا يوجب قوله العلم، وإلا لكان تحريم الكتمان لغوا وبلا فائدة لو لم يكن قوله حجة مطلقا.
والحاصل: أن هناك ملازمة عقلية بين وجوب الإظهار ووجوب القبول، وإلا لكان وجوب الإظهار لغوا وبلا فائدة. ولما كان وجوب الإظهار لم يشترط فيه أن يكون الإظهار موجبا للعلم فكذلك لازمه وهو وجوب القبول لابد أن يكون مطلقا من هذه الناحية غير مشترط فيه بما يوجب العلم. وعلى هذا الأساس من الملازمة قلنا بدلالة آية النفر على حجية خبر الواحد وحجية فتوى المجتهد.
ولكن الإنصاف: أن الاستدلال لا يتم بهذه الآية الكريمة، بل هي أجنبية جدا عما نحن فيه، لأن ما نحن فيه - وهو حجية خبر الواحد - أن يظهر المخبر شيئا لم يكن ظاهرا ويعلم ما تعلم من أحكام غير معلومة للآخرين كما في آية النفر، فإذا وجب التعليم والإظهار وجب قبوله على