الدليل الثالث دلالة بعض الأخبار قيل: إن بعض الأخبار دالة على اعتبار الشهرة، مثل مرفوعة زرارة:
قال زرارة، قلت: جعلت فداك! يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان، فبأيهما نعمل؟ قال (عليه السلام): خذ بما اشتهر بين أصحابك، ودع الشاذ النادر.
قلت: يا سيدي هما معا مشهوران مأثوران عنكم. قال: خذ بما يقوله أعدلهما... إلى آخر الخبر.
والاستدلال بهذه المرفوعة من وجهتين:
الأول: أن المراد من الموصول في قوله: " بما اشتهر " مطلق المشهور بما هو مشهور، لا خصوص " الخبر " فيعم المشهور بالفتوى، لأن الموصول من الأسماء المبهمة التي تحتاج إلى ما يعين مدلولها، والمعين لمدلول الموصول هي الصلة، وهنا هي قوله: " اشتهر " تشمل كل شئ اشتهر حتى الفتوى.
الثاني: أنه على تقدير أن يراد من الموصول خصوص " الخبر " فإن المفهوم من المرفوعة إناطة الحكم بالشهرة، فتدل على أن الشهرة بما هي شهرة توجب اعتبار المشتهر، فيدور الحكم معها حيثما دارت، فالفتوى المشتهرة أيضا معتبرة كالخبر المشهور.
والجواب:
أما عن الوجه الأول: فبأن الموصول كما يتعين المراد منه بالصلة، كذلك يتعين بالقرائن الأخرى المحفوفة به. والذي يعينه هنا السؤال المتقدم عليه، إذ السؤال وقع عن نفس الخبر، والجواب لابد أن يطابق