يصعب استقصاؤه، إذ ما من صفحة من صفحات كتابه إلا وفيه بيان ذلك تصريحا أو تلويحا.
ثم إنه - طاب ثراه - تنزل عن هذه الدعوى مجاملة مع القائل بمطلق الظن، وإتماما للحجة عليه، فذكر وجوها سبعة له أولها: هذا الذي تعرض الشيخ له لإثبات أن النوبة لا تنتهي إلى مطلق الظن، بل الواجب عقلا هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، وتفريغ الذمة عن التكليف في حكم الشارع ظنا إذا فرض عدم إمكانه على سبيل القطع، وهذا أيضا مصرح في كلامه مرات يتجاوز حد العشرات.
منها: ما ذكره في أواخر هذا الدليل، ونصه: «فظهر بما قررناه أن اللازم أولا في حكم العقل هو تحصيل العلم بالتفريغ في حكم الشارع، وبعد انسداد سبيله يتنزل إلى الظن بالتفريغ في حكمه، لا مجرد الظن بالواقع، وقد عرفت عدم الملازمة بين الأمرين وحصول الانفكاك من الجانبين».
«نعم لو كان الحاصل بعد انسداد سبيل العلم بحصول التفريغ في حكمه أمورا مفيدة للظن بالواقع من غير أن يكون هناك دليل قطعي أو ظني على حجية شيء منها، وتساوت تلك الظنون في ذلك، كان الجميع حينئذ حجة في حكم العقل وإن لم يحصل من شيء منها ظن بالتفريغ أولا، وذلك لعدم إمكان تحصيل الظن بالتفريغ من شيء منها على ما هو المفروض، فينتقل الحال إلى مجرد تحصيل الظن بالواقع، ويحكم العقل - من جهة الجهل المذكور وتساوي الظنون في نظره بالنسبة إلى الحجية وعدمها، حيث لم يقم دليل على ترجيح بعضها على بعض - بحجية الجميع، والأخذ بأقواها عند التعارض من غير فرق بينها، فصار المحصل أن اللازم تحصيل العلم بالتفريغ في حكم الشارع كما مر القول فيه، وبعد انسداد سبيله يتعين تحصيل الظن بالتفريغ في حكمه، تنزلا من العلم به إلى الظن، فينزل الظن به منزلة العلم، وإذا انسد سبيله أيضا تعين الأخذ بمطلق ما يظن معه