وإن كان ثم توهم في القول بالترتيب، فليكن في قول المحشي (1): «لم ينهض برهان من عقل ونقل على أن الواجب علينا أولا هو العلم بحكم المولى بالفراغ، وما نقله الشيخ عن بعض المحققين - الجد - لا ينهض إلا على الاجتزاء والاكتفاء [به] وعدم لزوم الاقتصار على تحصيل العلم بالواقع» (2).
هذا، ولا أرى في كلام هذا الإمام أثرا لما استنبطه الشيخ من قوله دون الواقع، فقد اتضح غاية الوضوح ان مراده عدم تعين الواقع للامتثال، بل الواجب بحكم العقل إتيان أحد الأمرين من الواقع أو مؤدى الطريق، وإن شئت قلت: الواقع من طريق العلم أو من طريق الشرع، وهو الذي عبر عنه بالفراغ بحكم الشارع وبغيره.
فانظر ما أبعد وأبرد ما أورده عليه غير واحد (3) من أن الحكم بالبراءة ليس من وظيفة الشارع، وإنما الحكم فيه للعقل، وأنه لا يعقل للمولى حكم مولوي غير أحكامه الظاهرية والواقعية إلى غير ذلك مما أسدى وألحم على هذا المنوال، ويأتي تفصيل الحال.
رجع إلى النظر فيما أورده الشيخ طاب ثراه.
أطال - قدس سره - القول في أن تفريغ الذمة إما بإتيان ما أراده الشارع في ضمن الأوامر الواقعية، وإما بإتيان ما حكم حكما جعليا بأنه نفس المراد وهو مضمون الطرق المجعولة، لا أنه شيء مستقل في مقابل الواقع فضلا عن أن يكون هو المناط في لزوم تحصيل العلم إلى آخر ما مر نقله من الرسالة (4).
وأقول: لا أخال أنه يخفى عليك بعد ما أوضحناه لك من أن صاحب