عن الفصول هو الوجه الثاني من الوجوه الثمانية التي استدل بها على إثبات الظن الخاص، ولا بأس بنقله بنصه ليسهل على الناظر المقايسة بينهما، قال:
«الثاني: أنه كما قرر الشارع أحكاما واقعية كذا قرر طرقا للوصول إليها إما العلم بالواقع، أو مطلق الظن، أو غيرهما قبل انسداد باب العلم أو بعده، وحينئذ فإن كان سبيل العلم بذلك الطريق مفتوحا فالواجب الأخذ به والجري عليه، ولا يجوز الأخذ بغيره مما لا يقطع معه بالوصول إلى الواقع من غير خلاف بين الفريقين، وإذا انسد سبيل العلم به تعين الرجوع إلى الظن به، فيكون ما ظن أنه طريق مقرر من الشرع طريقا قطعيا حينئذ إلى الواقع، نظرا إلى القطع ببقاء التكليف بالرجوع إلى الطريق، وقطع العقل بقيام الظن حينئذ مقام العلم حسب ما عرفت ويأتي، فالحجة إذن ما ظن كونه حجة وطريقا للوصول إلى الأحكام، وذلك إنما يكون بقيام الأدلة الظنية على كونه كذلك، وليس ذلك إثباتا للظن بالظن حسب ما قد يتوهم، بل تنزلا من العلم بما جعله الشارع طريقا إلى ما يظن كونه كذلك بمقتضى حكم العقل حسب ما مرت الإشارة إلى نظيره في الوجه المتقدم» (1).
أقول: الوجهان مشتركان في المقدمتين الأوليين أعني وجود الطرق الشرعية إلى الأحكام الواقعية، ولكن هذا - كما يظهر مما تعرفه في بيان محل النزاع - اشتراك في المدعى لا الدليل، لأن المهم الذي يحاول كل منهما إثباته هو تعين العمل بالطرق الشرعية، أعني الظن الخاص، فتأمل.
وبالجملة، فالتوافق التام بين الوجهين موضع تأمل، وتحقيقه غير مهم، وعلى فرض الاتحاد فلا ريب أن تقرير الفصول أتم وأوضح، إذ تعين الرجوع إلى الظن بالطريق لا يتم إلا بما فيه من قوله: «وحاصل القطعين يرجع إلى أمر