فرض أن هناك حكم واقعي لم ينصب الشارع إليه طريقا، أي لا يكون عليه حجة، لا يكون فعليا أو منجزا، ثم ادعى الإجماع على انحصار الحجة في مدارك مخصوصة، فقال في أثناء كلامه ما لفظه: «فإنا نقطع بأن الشارع لم يعتبر بعد الأدلة القطعية في حقنا أمارات اخر خارجة عن هذه الأمارات».
وقال بعده بقليل ما لفظه أيضا: «إنا لما راجعنا طريقة أصحابنا وجدناهم يعتمدون في فروع الأحكام على طرق ومدارك مخصوصة، مطبقين على نفي حجية ما عداها» إلى آخره (1).
وقال في أثناء الكلام على التقرير الثاني لدليل الانسداد ما نصه:
«الذي يظهر لنا من طريقة أصحابنا قديما وحديثا اقتصارهم على حجية الظنون المخصوصة، والتزامهم بأصالة عدم حجية ظن لا دليل على حجيته، فإنا لم نقطع من إطباقهم على ذلك بفساد حجية مطلق الظن فلا أقل من حصول ظن قوي لنا به» (2) إلى آخره.
وأيد ذلك بالنهي عن عدة من الأمارات، فقال: «إنا كما نجد على الأحكام أمارات نقطع بعدم اعتبار الشارع إياها طريقا إلى معرفة الأحكام مطلقا وإن أفادت الظن الفعلي بها كالقياس، والاستحسان، والسيرة الظنية، والرؤيا، وظن وجود الدليل، والقرعة، وما أشبه ذلك مما لا حصر له، كذلك نجد عليها أمارات أخر نعلم بأن الشارع قد اعتبرها كلا أو بعضها طريقا إلى معرفة الأحكام وإن لم يستفد منها ظن فعلي بها ولو لمعارضة الأمارات السابقة» (3).
ثم ذكر العبارة المتقدمة قريبا، وقال بعده: «ومستند قطعنا في المقامين