الإجماع، مضافا في بعضها إلى مساعدة الأخبار والآيات، حتى أن القائلين بحجية مطلق الظن كبعض متأخري المتأخرين لا تراهم يتعدون في مقام العمل عن هذه الأمارات إلى غيرها» (1).
وادعى بعد ذلك أن تفاصيل تلك الأمارات المقطوع اعتبارها غير معلوم بالقطع، فالواجب علينا الرجوع إلى معرفتها بالظن، وأوضح ذلك في عدة مواضع من كلامه، ونقلها يوجب الإسهاب، ومن شاء فليراجع الكتاب.
ثم استنتج من جميع ذلك وجوب الرجوع في معرفة الأحكام الفعلية التي لا طريق إليها بالقطع إلى الطرق الظنية فقط، ولا شك في أنه بعد تسلم هذه المقدمات لا تكون النتيجة إلا ذلك.
وأكثر ما أورده الشيخ - طاب ثراه - ومن تأخر عنه بمعزل عنه وغير مرتبط به، وما سبب ذلك إلا ما نبهناك عليه أول الباب من أنهم جعلوا هذا الدليل الدال على بطلان الظن المطلق بيانا لنتيجة الدليل على الظن المطلق، مع أن هذا الدليل إن تأملته وجدته أجنبيا عن دليل الانسداد المعروف، ويكاد أن لا يجمعه معه إلا لفظ الانسداد فقط.
وأقول توضيحا له - وإن كنت أخالك في غنى عنه -: بعد ما عرفت أن هذا الدليل مركب من مقدمات:
أولها: بعد بقاء التكليف بالأحكام الواقعية، ووجود الحجة على تلك الأحكام.
ثانيها: انحصار الحجة في الكتاب والسنة وما يؤول إليهما.
ثالثها: عدم قطعية تفاصيلها بمعنى عدم إمكان تعيين الحجة منها إلا نادرا.