ألا ترى أن علمنا بأنا مكلفون في المرافعات بإيصال كل حق إلى صاحبه لا يوجب في حقنا فتح باب الظن في تعيين الحقوق لعلمنا بأن الشارع كما كلفنا بذلك كذلك جعل لنا إليها طرقا مخصوصة، وكلفنا بالعمل بمقتضاها كاليد، والشهادة، واليمين، فإذا انسد علينا معرفة تلك الطرق أيضا لم نعمل بالظن في تعيين الحقوق، بل في تعيين الطرق المقررة لها» (1).
ولا بد لمنكري مقالته من أحد أمرين: إما مخالفة الإجماع وتجويز الرجوع في القضاء إلى مطلق الظن، أو بيان الفرق بينه وبين سائر الأحكام، ولو ضربوا عليه آباط الإبل مدة شهرين لم يعثروا على أثر منه أو عين.
وما ذكره الشيخ - طاب ثراه - أواخر كلامه - المتقدم نقله - من «أن الظاهر أن مبنى الطرق المنصوبة على الأحكام الواقعية على الكشف الواقعي، ووجه تخصيصها كونها أغلب مطابقة، وكون غيرها غير غالب المطابقة» إلى آخره (2)، فلا يصلح أن يكون فارقا بينهما، إذ السبب مشترك، ولا شك أن الوجه في تخصيص الطرق المقررة للقضاء أيضا هو ما ذكر بعينه، فلما ذا يرجع إلى مطلق الظن؟ وأما بيان المراد من هذا الدليل وتقريره: فتوضيحه أن المستدل استدل به على أن المرجع بعد فرض الانسداد الكتاب والسنة وما يلحق بهما، ويؤول إليهما، وبنى دليله على القطع ببقاء التكليف أولا، وبوجود الحجة عليها ثانيا، ثم جمع بين القطعين، فقال: «ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد، وهو القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة» (3).
ومعناه أن فعلية التكاليف أو تنجيزها مشروطة بوجود الحجة، ولو