في الإجماع والسيرة المتقدمين، وأنهما لا يكشفان عن جهة العمل.
ولفظ تقييد الواقع بالطريق وإن وقع في كلام الفصول، ولكنه لا يريد به تقييد الواقع نفسه، بل يريد تقييد فعليته به، وليس ذلك ببدع من القول، ولا بمذهب قد تفرد به، بل هو أمر يقول به كل من يقول بالتخطئة، وبصحة جعل الأحكام الظاهرية، وهو لازم جعل الحجية، ولكن الشيخ حمل كلامه على التفسير الأول، فأورد في آخر كلامه ما أورد (1)، وجرى عليه غيره، فقال في الكفاية: «لو سلم أن قضيته لزوم التنزل إلى الظن، فتوهم أن الوظيفة حينئذ هو خصوص الظن بالطريق فاسد قطعا، وذلك لعدم كونه أقرب إلى العلم، وإصابة الواقع من الظن بكونه مؤدى طريق معتبر من دون الظن بحجية طريق أصلا ومن الظن بالواقع.
لا يقال: إنما لا يكون أقرب من الظن بالواقع إذا لم يصرف التكليف الفعلي عنه إلى مؤديات الطرق ولو على نحو التقييد، فإن الالتزام به بعيد إذ الصرف لو لم يكن تصويبا محالا فلا أقل من كونه مجمعا على بطلانه، ضرورة أن القطع بالواقع يجدي في الإجزاء بما هو واقع لا بما هو مؤدى طريق القطع.
ومن هنا انقدح أن التقييد أيضا غير سديد، مع أن الالتزام به غير مفيد، فإن الظن بالواقع فيما ابتلي به من التكاليف لا يكاد ينفك عن الظن بأنه مؤدى طريق معتبر، والظن بالطريق ما لم يظن بإصابة الواقع غير مجد بناء على التقييد، لعدم استلزامه الظن بالواقع المقيد به دونه» (2) انتهى ما أردناه.
أقول: إن الذي قطع بفساده مقطوع بصحته بعد فرض تصرف الشارع في طرق الامتثال، وأمره باتباع بعض، ونهيه عن بعض، وحصره فعلية أحكامه