«وبما حققنا تعرف أن إطلاق الطلب لا ينافي توقف الامتثال على مضي زمان طويل أو قصير عقلا، كما أن تقييده واشتراطه لا ينافي عدم توقف الامتثال على مضي الزمان».
«ووجه ذلك أن مضي الزمان في المطلق مقدمة للامتثال، وفي المشروط مقدمة لأصل الوجوب ولو توقف عليه الامتثال عقلا» (1) انتهى.
وهذا الكلام وغيره مما حذفناه حذار الإطناب صريح في أن هذا الأستاذ لا ينكر إمكان تأخر زمان الامتثال عن زمان الطلب المطلق، ولا تعلقه بالمستقبل طال الزمان بين الطلب وبين وقت الامتثال أم قصر، وإنما يرى في حد المطلق وجود المصلحة حال الطلب، وما سواه يعده من المشروط، فإذن أكثر ما أورده عليه أجنبي عن مقصوده، والسبب فيه أنه لم يراجع الكتاب، وإنما روي له ذلك كذلك - وما آفة الأخبار إلا رواتها -.
نعم هو تفصيل بديع تفرد به صاحب البدائع فيما أظن.
والحق في جوابه هي الجملة التي ذكرها في أول كلامه بعد أن يزاد فيها دعوى الضرورة ولو فيما لم تكن المصلحة موجودة حال الطلب، بل ولو كانت فيه المفسدة حال الطلب فالعاقل يأمر بشراء المحشو من الثياب في الصيف ليلبسها في الشتاء، والكتان في الشتاء للبسه في الصيف، والممطرة حال الصحو والمظلة يوم الغيم، وبشراء الفرس للسفر بعد سنة، وهذا الكلام وأمثاله من هذا الأستاذ وأمثاله لم يصدر إلا من الظن بأن القائل بالواجب المعلق يجعله قسيما لقسمي المطلق والمشروط، وقد صرح به في مواضع من كتابه.
وإذا اتضح لديك - بما أسلفناه - أن معنى تقدم الوجوب على الوقت - وهو الذي سميناه بالمعلق - هو وجوب تحصيل المقدمات قبله، وتأثير الإرادة فيه