نطالب بالوجه في ذلك، إذ جعل البدل لا ينحصر في مورد لا تبقى مصلحة في المبدل عنه ولا مقتض له، فكم في الشرع والعرف موارد نعلم وجودهما في المبدل عنه على نحو أتم وأكمل، لكن جعل البدل عنه للإرفاق أو لغيره من المصالح.
ومع الشك فيهما فالعمومات كافية في إثباتهما، على كلام تسمعه إن شاء الله في مسألة الترتب، بل نقول: إنها كما دلت على مشروعية التيمم مع عدم التمكن دلت كذلك على عدم مشروعيته مع التمكن وبعد فرض العصيان وتحققه بالاغتراف متمكن من الوضوء، فلا تشمله أدلة التيمم، فيخرج عنها خروجا موضوعيا، فالأمر في المقام - إن تأملت وأنصفت - أهون منه في مسألة تزاحم الأهم والمهم.
وبالجملة فهذا الاستكشاف موهون جدا، إلا أن يرقع خرقه بالإجماع الذي ادعاه، وأول ما فيه منعه.
ومن راجع كتب الفروع يلف (1) موارد حكم فيها غير واحد بالتخيير بين الطهارتين، وموارد صرحوا فيها بمشروعية الترابية للمتمكن من المائية، وسمع من جماعة منهم التصريح بصحة الوضوء مع ضيق الوقت، ورأى من المحققين منهم الحكم بثبوت الحكم فيه على مسألة اقتضاء الأمر النهي عن ضده، فمن حكم بفساد الوضوء إنما يحكم لذلك لا لعدم المقتضي فيه.
ثم نقول على تقدير تسليمه: إن الإجماع إنما قام على عدم التخيير بينهما تخييرا بدويا بمعنى تعلق الأمر المطلق بكل منهما، كما في التخيير بين القصر والإتمام في المواطن الأربع، ونحن لا ندعي ذلك هنا ونسلم أن الأمر المطلق لم يتعلق إلا بالتيمم فقط، ولكن نقول: إن الوضوء تعلق به أمر مشروط، أو معلق - كما سماه - مشروط بعصيان الأمر الأول، وفي صورة حصول الاغتراف يحصل